كان يمسك بورقة كتبا سويّة أحرف أساميهما.. و سطرّا بها ذكريات يأبى النسيان الا أن يبكي أمامها
قال لها: لم الهجر....؟
قالت: عن ماذا تتحدّث، هلا وضّحت كلامك؟
قال: أمازلتي حتّى الآن تنكرين كلّ شيء... فلا يعقل أن أكون قد عشت كل تلك الأيّام في وهم سمّيته حبك
! قالت: أنا لا أنكر شيء و لكن... ما فائدة هذا النّقاش
قال: اذا كنتي لا تنكرين، فما زلتي لا تقرّين
قالت: أنا لا أقرّ بأحلام قد يأبى الزمان تحقيقها... لا أقرّ سوى بحقائق لا تحتمل الفشل
قال: اذا... أنت لا تعترفين بالأحلام، تخشين ما يخبّئه لك المستقبل، و لا تعطين لنفسك الفرصة للبحث عنه و السعي اليه
قالت: و لم أسعى لشيء مجهول، لا أعلم أبه سعادتي أم شقائي... لما أضع سنين عمري رهن حلم غامض
اتركنا الآن من هذه الأحاديث... تبقى الذّكريات ذكريات.. و لن نعلم أبدا مايخبّئه لنا مستقبلنا الا في الوقت المناسب
قال: و هل تحدّدين أنت الوقت المناسب؟ أو تعرفينه؟ خلقنا الله و أمرنا بالتوكّل عليه... و نهانا عن التواكل.. أمرنا بالسعي وراء أحلامنا و طموحاتنا و أهدافنا... و على قدر اجتهادنا و نيّتنا يعطينا
قالت: و لكن أهدافنا و طموحاتنا في الوقت الحالي.. يجب أن تكون في اتّجاهات أخرى تجعل منّا أناس ذات قيمة
ّقال: و لم لا نشكّل معا فريقا... ذات روح واحد، و جسدان...يكون كلّ منا سند للأخر.. نسعى لأحلامنا سويّة، و نتحدّى كل الظروف... هكذا تخيّلت المستقبل
قالت:..... لكنّني لا أستطيع تقديم شيء الآن
قال: و متى سوف تستطيعين... حينما يضيع منّا شبابنا، و نفقد كل أحلامنا، و تصبح رغباتنا و أمنيّاتنا ذكرى الأمس
ّأم حينما يستطيع الزمان بغدره أن يحول بيني و بينك، و يأخذ كل منّا في عالم منفصل.... حيث لن يكون حينها للندم بد
قالت: لأنني أنثى.. لا أستطيع أن أعدك بشيء
لأنني أنثى لا أحتمل مواجهة غدر الزمان
لأنني أنثى أخشى كل شيء... حتى أنني أخشاك... كما أخشى نفسي
قال: لو أنّكي تعلمين كم أحبك... ما كان هذا حديثك
.. قد جعلت من ماضيّ حقل تجارب لاسعادك، و سخّرت حاضري لتذكيرك بأجمل صفاتك و قدراتك التي ترشحك بقوة لنجاح باهر.. طالما تخيّلت أننا سننجح سويّة
و جعلت من مستقبلي النهاية السعيدة التي تعودنا عليها في القصص منذ طفولتنا بين أميرة جميلة، و فارس نبيل عاشق
..قالت: أقدّر تضحياتك و حبّك لي، أقدّر خوفك و اهنمامك بي، أقدّر أحلامك الشريفة و طموحاتك و خيالاتك البريئة.. و لكن
قاطعها سريعا: .... ولكن لا تحبّينني....؟
قالت مضطربة: لا أقصد ذلك، لكنني فتّحت عينايا لأجد نفسي في طريق لم أسلكه من قبل.... أتخبّط فيه و لا أهتدي سوى بنور أضأته أنت لي
قال: اذا... فاتركيني أضيء ذلك النور... فأنا من قبلك كنت ضائعا مثلك في ظلام هذا الطريق... رغم أنّني أتبين ملامحه.. و عرفته أكثر مما تعرفين
... لكن هذا النور الذي أضيء به طريقك... هو نورك الذي أضاء لي حياتي
أرجوكي لا ترحلي.... فيغيب نورك عني... و ينتهي بي الحال في ظلمات هذا الطريق